قبل الحلقة التقييمية لزيارة رئيس الجمهورية الأسبق ميشال عون ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل لقضاء جزين في تاريخ ٣٠ / ٨ / ٢٠٢٥، كان لا بد من الاتصال بالمحامي سليمان مالك لسؤاله عن قراءته للزيارة قراءة موضوعية.
فقال مالك: "من الواضح، أنَّ الزيارة لم تقتصر على النائب جبران باسيل، بل أيضاً حضور رئيس الجمهورية السابق العماد ميشال عون، والتي تهدف أولاً وأخيراً التمهيد لحملة إنتخابية مبكرة للإنتخابات النيابية في العام ٢٠٢٦".
وتابع، مفصّلًا رده بعدة نقاط: "بالفعل، إنَّ الكلمات التي أطلقت عند اللقاء مع مؤيدين ومحازبين في منطقة مستضيفة ومضيافة، خرجت في كثير منها عن الأعراف والسلوك السياسي المسؤول، الذي بالطبع لا يكسب مؤيدين، بل يبعد كثيرين وحتى إن كان منهم حاضراً! وذلك للأسباب التالية:
أولاً- إنَّ الزيارة واللقاءات التي رافقتها، هي محضَّرة مسبقاً، لناحية إستطلاع الرأي العام الجزيني والهدف المرجو منها، والذي كان يجب أن لا يحيد عن خدمة الناس والإنصات لهم والاضاءة على الاراء المختلفة، عبر تقديم نهج جديد، يجمع ولا يفرّق، يبني ولا يهدم، يخلق الثقة ولا يخوّن، أسلوب منفتح غير متقوقع. خاصةً، أنَّ الزيارة ليست مقررة للإحتفال بفوز نتائج الإنتخابات، على النحو الذي حصل بعد فوز التحالف مع النائب إبراهيم عازار في إنتخابات بلدية جزين، إلخ.
ثانياً- إنَّ الكلمات التي أطلقت، لم تقتصر على مهاجمة فريق سياسي منافس للتيار الوطني الحر على مساحة الوطن أي القوات اللبنانية، بل طالت أبناء قضاء جزين وخارج قضاء جزين! هؤلاء الاهالي يعرفون تاريخ منطقتهم وميزاتها وآثارها ونسيجها الإجتماعي منذ مئات السنين وقد حافظوا على وحدتهم وارضهم، بحبهم لقراهم بعيدا عن الشحن الحزبي. فكيف يمكن مثلاً، تفسير الكلام عن النَكَد السياسي ومحاسبة من أوقف مشروع سد بسري! في حين، أنَّ أسباب وقف مشروع سد بسري متعددة ومتراكمة بعضها يعود إلى البنك الدولي، الممول ذاته للمشروع. أما بعضها الآخر يعود لموقف الأهالي والمجتمع المدني، وهذا كله تكوّن بشكل سابق تماماً لثورة ١٧ تشرين بعدة سنوات قوامه حصراً موقف علمي وقانوني. أما ثورة ١٧ تشرين الأول هي لاحقة، وإن كانت قد وضعت حدّاً لكل مسار يتجاوز إرادة الناس .
ثالثاً- إنَّ الأراضي المستملكة لغاية مشروع سد بسري بين قضاءي الشوف وجزين، كانت معظمها يتم الإهتمام بها بالرغم من حالة الإستملاك، حتى أتت الحملات المضللة، والتي ما زالت من مؤيدي السد تحت عنوان تحويل المرج إلى مخيم نزوح وغيره من الأمور. بينما، كان معظم المتواجدين من عمال أجانب في الأراضي اللبنانية يتم تحت إشراف أصحاب الحقوق القدامى وتحت إشراف القضاء والاجهزة الامنية. أما لاحقاً، تمَّ بإشارة النيابة العامة المالية إخلاء المزارعين من الأراضي، حتى يبِسَت معظم البساتين وأضحت معظم الأراضي بور، مهملة، ما عرَّض ويعرّض الغابات للحرائق.
وتالياً، إنَّ الكلام في تاريخ ٣٠/ ٨ / ٢٠٢٥ عن تحويل المرج إلى خيم و/أو مخيم نزوح، يتطلب من جانب النيابة العامة التمييزية أو المالية أو النيابة العامة الإستئنافية في الجنوب أو جبل لبنان التحقق من مدى جدية هذا الكلام وتكليف الضابطة العدلية الكشف الحسي، حتى يبنى على الشيء مقتضاه ووضع حدّ لهذا الامر، وإلا ملاحقة كل من يرتكب جرم إختلاق الأدلة أو حتى التخوين وإثارة التوترات.
رابعاً- إنَّ التغني بمشروع سد بسري، لا يروي إطلاقاً ظمأ العطشى بمعزل عن مسألة تضخيم جدواه، لأنَّ مياهه أصلاً ليست معدّة للشرب وهي لا تصلح لذلك. علماً، أنَّ هناك عدة مشاريع لسدود صغيرة، كحال سد المسيلحة لم يؤمنوا أية مياه للمستهلكين، حتى شكلوا بحدّ ذاتهم مشاريع تدمير للطبيعة والبيئة وهدر للأموال العامة.
خامساً- إنَّ الهجوم من نائب على زميل له في البرلمان اللبناني من قلب بلدته جزين تحديداً، لا يعطي الزيارة طابع أي مصالحة سياسية، بل يزيد الشرخ بين أبناء المنطقة الواحدة ويخلق التوترات، بعيداً عن تقديم أي رؤية أو جدوى لأبناء المنطقة حتى يمكنهم البناء عليها لمرحلة جديدة، زاهرة وواعدة.
سادساً- إنَّ كلمة النائب جبران باسيل، لم يسلم منها بشكل غير مباشر الأستاذ إبراهيم عازار الحاضر، الذي سبق له وأن أخذ موقفاً معارضاً لسد بسري، بعد مساهمته في عقد جلسة في تاريخ ٤/ ٤ / ٢٠١٩ أمام لجنة الأشغال النيابية التي كان يترأسها النائب السابق نزيه نجم ، لمناقشة مشروع سد وبحيرة بسري والتي خلصت إلى توصيات لم يصار إلى تنفيذها أو التحقق منها والتقيد بها. علماً، أنَّ هذه الجلسة سابقة أيضاً لثورة ١٧ تشرين الأول.
سابعاً- إنَّ قضاء جزين، الذي يشكل همزة الوصل بين عدة مناطق لبنانية، سياسة الإنفتاح فيه، لا يمكن اختزالها بأي عَلَم غير العَلَم اللبناني. وعلى الجميع، أن لا يغفل، بأن قضاء جزين كله عزة وفخر، كون إبن إحدى بلداته، العيشية إنتخب بشبه إجماع وطني لرئاسة الجمهورية. وفي عهده يتم إعادة تفعيل المؤسسات الدستورية والإدارية كافة خدمةً لشعبة بعيداً عن أية حسابات ضيقة أو موروثة.
ثامناً- العمل السياسي أو الحملات الإنتخابية، لا فائدة منهم، إذا لم تتم قراءة الواقع المجتمعي ومتغيراته، لأن لا الأموال ولا صرف النفوذ، ولا سياسة الكراهية، والتخوين، وعدم الإستماع إلى الرأي الآخر، يمكنهم خلق الثقة المجتمعية أو ترميمها.
تاسعاً- من المستحسن أن تبقى الحملات الإنتخابية الهجومية لاسيما غير الجامعة منها، بعيداً عن حضور رجالات الدين، الذين في صلب رسالتهم الجمع والدعوة للمحبة والالفة، كما أهمية إبعادها بالطبع عن لقمة الطعام التي يجب أن تبقى مباركة وعنوانها المحبة!".
في تاريخ ١/ ٩/ ٢٠٢٥
المحامي سليمان مالك